القصة القصيرة

اجتماع الأتباع
بقلم : مصطفى منيغ


انتشر الخبر بسرعة بين القرى المكونة حزاما من البؤس والحرمان حول مدينة ينظر إليها من فوق سلم المسؤوليات كلها أنها القابلة للنماء السريع .. والتطور المروع ..واحتضان آلاف العطشى لترويهم من مشاريعها بعد " الخوصصة" .. وتأكلهم ما تسمح بها ديمقراطية آخر زمن كلما غضب الحاكم من ظاهرة الملتحين الغاصة بهم شوارعها. انتشر الخبر أن عبد الخالق ، الفلاح البسيط لكنه صادق ، سيؤسس حزبا اجتماعه التأسيسي سيكون على قارعة الطريق ، لتظهر أعماله منذ البداية وقد عمتها الشفافية والإعلام الخارق، ضربا لكل تقرير حارق ، من نتاج مخبر للهمسات سارق. ومع طلوع الفجر من يوم ملبدة سماؤه بغيوم( عسى القوم برؤيتهم لها يطمئنون بعضهم بعضا أن الجفاف لن يجتاح قريتهم .. ) وعبد الخالق يهم بالخروج من كوخه ذي المساحة المغطاة بشرائح الزنك المثبت بالوحل المطعم بالقش ، الذي ورثه عن والده ، وله من الوثائق الشرعية ما يؤكد ذلك .. اعترض طريقه ثلاثة أشخاص .. عرف أحدهم .. لم ينساه أبدا من ذاك الصباح الذي أجاب توسله للحصول على شهادة ميلاد ابنته التي سماها " حرية" (من تلك الإدارة التي كل ما فيها يعطى انطباعا أن الزمن تجاوزها بمراحل شتى وقعا وموقعا .. ) بنهره ودفعه كأنه حيوان أليف حضر لاستعطاف الحاكم أن يقذف نحوه ولو بقطعة رغيف جاف .. صائحا في وجهه غير اسم " حرية " إلى أي اسم آخر .. ما دامت " حرية " تسبب للسيد " الحاكم "حساسية تعكر نقاء دمه فيضطر إلى تصفيته خارج البلاد .. عند الأطباء الأفذاذ هناك بالضفة المقابلة من الأطلسي . سأل عبد الخالق الرجال الثلاثة : ــ أين تقودونني ؟... يجيبونه بصوت واحد: ــ للمثول أمام سيدي الحاكم ولما يسأل عبد الخالق من جديد، وقد بدت على سحنته أثار التشنج : ــ ولما ؟ ، ما السبب الذي يجعله يتصرف مع المواطنين القرويين مثلي ؟. يقاطعه أحدهم صارخا : ــ لأنك تريد تأسيس حزب سياسي بالقرية والقرى المجاورة ، وهذا شيء لا يقبل به سيدي الحاكم مطلقا .. إنك تخرق قوانين البلد .. وتستحق العقاب الشديد ، بل الأشد .... لم يستطع عبد الخالق إمساك نفسه من الغضب وبحركة لم يخطر على بال احد من الثلاثة رجال ما وراءها ، اخرج من تحت جلبابه الرث ساطورا ، ولم يفق من فعلته الخطيرة حتى مزق أوصال الثالث منهم أما الاثنين الآخرين فلم يجد أدنى صعوبة في تصفيتهما. انتشر الخبر بأسرع من الأول ، واجتمعت القبيلة لتشهد أنها قاتلة الجلادين الثلاثة، ولتكون حزبا في الهواء الطلق من أهدافه إحياء ذكرى عبد الخالق المختفي من صباح ذاك اليوم الملبد سماؤه بالغيوم ولترديد شعار : لا حاكم في هذا البلد دائم .. ما دامت القبيلة على موقف موحد صارم . كل هذا وقع والحاكم نائم .. مع الأحلام الوردية هائم .. وسط بستان ورود يمتص الرحيق وكل من حوله يراهم بهائم. وكل اجتماع والأتباع بألف خير كبيرهم كالصغير

مصطفى منيغ

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ما أَصْبَرَه حفظَهُ الله ونَصَرَه

  ما أَصْبَرَه حفظَهُ الله ونَصَرَه سبتة : مصطفى منيغ تقديس الوطن تربية وأخلاق ترعرعنا على فضائلها مذ كان الوطن وطناً ، فما عسانا تسجيله...